المصدر: وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) – صورة مأخوذة من محطة الفضاء الدولية في 2014، لاثنان من أصل 28 من مجموعة الأقمار الصناعية المكعبة التابعة لشركة بلانيت لاب “فلوك 1”

الأقمار الصناعية المكعبة هي أقمار صناعية مصغرة كانت تستخدم بشكل حصري في مدار الأرض المنخفض لمدة 15 عاما، وهي تستخدم الآن للبعثات بين الكواكب كذلك. في البداية، كانت تستخدم بشكل شائع في المدار الأرضي المنخفض لتطبيقات مثل الاستشعار عن بعد أو الاتصالات. واعتبارا من منتصف عام 2018، تم نشر زوج من الأقمار الصناعية المكعبة في مهمة تحليق إلى المريخ، ويجري النظر في إرسال أقمار صناعة مكعبة أخرى للقمر والمشتري.

تم اقتراح تصميم الأقمار الصناعية المكعبة لأول مرة في أواخر تسعينيات القرن الماضي من قبل اثنين من الأساتذة: جوردي بويغ سواري (Jordi Puig-Suari ) من جامعة بوليتكنك بولاية كاليفورنيا وبوب تويغز (Bob Twiggs) من جامعة ستانفورد. كانوا يحاولون مساعدة الطلاب على اكتساب خبرة هندسية في الأقمار الصناعية، والتي يكون بنائها وإطلاقها مكلف في العادة. جاءت فكرة الأقمار الصناعية المكعبة من لعبة مصغرة من ألعاب بيني بايبيز (Beanie Babies)، وفقاً لموقع Spaceflight Now – https://spaceflightnow.com/news/n1403/08cubesats/ .كانت فكرة تويغز المستوحاة من ألعاب الحيوانات المحشوة، هي السماح للطلاب ببناء أقمار صناعية مصغرة خاصة بهم.

وأضاف المقال بأن التصميم الأساسي لجهاز القمر الصناعي هو مكعب بقياس 10 سنتيمترات (4 بوصات) مع كتلة أقل من 1.33 كيلوغرام (2.93 رطل). لكن الاختلافات في الشكل ممكنة. كما يمكن تصميم الأقمار الصناعية المكعبة بحيث تشتمل على وحدتين أو ثلاث أو ست وحدات بقياس 10 سنتيمترات للوحدة، للقيام بمهام أكثر تعقيدًا.

تقلل الأقمار الصناعية المكعبة من تكاليف الإطلاق بطريقتين أساسيتين صغر الحجم وخفة الوزن. وبما أن وزنها ليس كبير وهو ما يعني أن الصاروخ لا يحتاج إلى الكثير من الوقود لرفعها. وفي معظم الحالات، يمكنها أن تتشارك مع قمر صناعي أكبر على نفس الصاروخ، مما يجعل من الممكن وصولها إلى الفضاء على عاتق الحمولة الثقيلة.

مع ذلك، هناك بعض التحديات في التصميم للأقمار الصناعية المكعبة. فالالكترونيات ذات حجم صغير وبالتالي فهي أكثر حساسية للإشعاع. ولأن الأقمار ذات حجم صغير فلا يمكنها حمل حمولات كبيرة معها. كما تعني تكلفتها المنخفضة أنها مصممة بشكل عام لتدوم بضعة أسابيع أو شهور أو سنوات قبل إيقاف العمليات.

تم إطلاق أول ستة أقمار صناعية مكعبة في يونيو 2003 من موقع إطلاق Plesetsk في روسيا. في ذلك الوقت، كان معدل تكلفة إطلاق الأقمار الصناعية حوالي 40،000 دولار، وهو مايعتبر صفقة رابحة مقارنة بإطلاق قمر صناعي إعتيادي (فالعديد منها يكلف ملايين الدولارات).

أصبحت الأقمار الصناعية المكعبة ممكنة بفضل التصغير المستمر للإلكترونيات، والذي يسمح لأدوات مثل الكاميرات بالصعود إلى المدار على جزء صغير من حجم ما كان مطلوبًا في بداية عصر الفضاء في ستينات القرن الماضي.

يقول ليونارد ديفيد المختص في مجال الأقمار الصناعية: “من خلال نظرة سريعة داخل القمر الصناعي المكعب ستقوم بتحديد لوح الدارات الكهربائية بالمعالجات الصغيرة ومنافذ المودم، وغيرها من أجهزة الرقائق الدقيقة المستخدمة عادة في الهواتف الخلوية والكاميرات الرقمية وجهاز نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وحدات الملاحة عبر الاقمار الصناعية بشكلها المألوف “.

في العقد الأول، كانت معظم الأقمار الصناعية المكعبة التي أطلقت للفضاء قادمة من الجامعات أو من مراطز الأبحاث، وكان عدد قليل منها يتم إطلاقه كل عام. في عام 2013، ارتفع عدد عمليات الإطلاق فجأة إلى العشرات. حيث أنه في ذلك العام بدأ القطاع التجاري بإطلاق الأقمار الصناعية، وفقا لموقع SpaceDaily – http://www.spacedaily.com/reports/History_of_the_CubeSat_999.html.
تم ابتكار تقنيات جديدة لتحسين استخدام الأقمار الصناعية المكعبة، مثل مشروع Parasute 2017 التابع لناسا، والذي يُمكن الأقمار الصناعية المكعبة من الهبوط دون الحاجة إلى معززات. كما تم الإعلان عن العديد من المشاريع البارزة في القطاع العام، بما في ذلك “أسراب” “swarms” ناسا من الأقمار الصناعية المكعبة لمراقبة الأرض، وتَبني قمر صناعي من قبل محطة الإذاعة العامة NPR في الولايات المتحدة الأمريكية، ومسابقة الأقمار الصناعية للطلاب الكنديين.

كان هناك أكثر من 2100 من الأقمار الصناعية المكعبة والـ Nanosatalites اعتباراً من منتصف عام 2018 وفقاً لموقع nanosats.eu. ومن بين الاستخدامات البارزة للأقمار الصناعية المكعبة والتي تدور حول الأرض اليوم:
• تمتلك شركة Planet Labs، وهي شركة لمراقبة الأرض، عشرات من الأقمار الصناعية المكعبة والتي يطلق عليها Dove satellites في المدار، بالإضافة إلى عدد قليل من الأقمار الصناعية المكعبة RapidEye CubeSats. يتم استخدام هذه الأقمار في كل شيء بدءً من الاستجابة للكوارث إلى مراقبة المناخ.

  • أطلق موزع الأقمار الصناعية المكعبة NanoRocks على محطة الفضاء الدولية عدد من الأقمار الصناعية المكعبة بعد أن تم نقلها إلى المدار على متن مركبة زائرة للمحطة.
  • توفر مبادرة ناسا لإطلاق الأقمار الصناعية المكعبة فتحات إطلاق للأقمار الصناعية المكعبة على متن قاذفات الصواريخ التقليدية.

ويشعر بعض خبراء صناعة الفضاء بالقلق من أن تعميم نظام الأقمار الصناعية المكعبة سيخلق الكثير من النفايات غير المرغوب فيها في المدار الأرضي المنخفض، حيث تتسابق الشركات والباحثون لإطلاق أفكارهم إلى الفضاء دون النظر إلى العواقب طويلة المدى. في مارس 2018، زعمت لجنة الاتصالات الفيدرالية أن إحدى الشركات الأمريكية أطلقت عدة أقمار صناعية صغيرة دون إذن بعد أن منعت لجنة الاتصالات الفيدرالية الإطلاق، قائلة إن الأقمار الصناعية كانت صغيرة جدًا بحيث يتعذر على المستشعرات تعقبها.

إلا ان الخبراء بدأوا في إعادة تقييم الوضع، حيث تبين ان هذه الأقمار تحترق في المدار المنخفض بعد انتهاء العمليات المناطة بها مما يسهم في الحفاظ على بيئة فضائية نظيفة.

ابتداءً من عام 2018، بدأت الأقمار الصناعية المكعبة بالخروج إلى خارج مدار الأرض. فيما يلي بعض المشاريع قيد التنفيذ، أو ما زالت قيد التخطيط:

مارس كيوب وان “Mars Cube One (MarCO)” أول الأقمار الصناعية المكعبة التي غادرت الأرض في مايو 2018، برفقة مركبة إنسايت (InSight lander) التابعة لناسا. هبطت مركبة إنسايت على كوكب المريخ في 26 نوفمبر 2018، وخلفها مباشرة الأقمار الصناعية المكعبة، حيث إنفصلا بشكل مستقل عن الصاروخ أثناء الإطلاق ويعملان على الطاقة الشمسية.

أُطلق على الأقمار الصناعية المكعبة اسم “WALL-E” و “Eve” على اثر فيلم الرسوم المتحركة التابع لشركة Pixar “WALL-E”. عند هبوط مركبة إنسايت، ستحاول الأقمار الصناعية المكعبة إرسال البيانات عن معدلات الهبوط إلى الأرض. هذه رحلة تجريبية ولن تكون المعلومات حاسمة ، لأن المركبة المدارية لاستكشاف المريخ ستقوم بنفس المهمة. ستنتهي مهمة MarCO بعد ذلك بوقت قصير.

سيقوم الاطلاق الاختباري الأول لنظام ناسا للإطلاق الفضائي في عام 2019، بتمهيد الطريق للصاروخ المتوقع بأن يأخذ البشر إلى خارج المدار الأرضي المنخفض لأول مرة منذ ستينيات القرن الماضي. سيشمل الإطلاق الغير مأهول عدد 13 قمر صناعي مصغر. ومن ضمن أفكار المفهوم “Lunar Flashlight”، والذي سيعمل على عكس ضوء الشمس ليدخل في الحفرة المظللة بشكل دائم على القمر، و “NEA Scout” والذي سيستخدم شراعاً شمسياً للتنقل إلى الكويكب القريب من الأرض 1991VG.

تدرس وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) مهمة للقمر الجليدي “يوروبا” “Europa” التابع لكوكب المشتري في العشرينيات أو الثلاثينيات من القرن العشرين. في عام 2014، قالت ناسا بأنها تدرس إدراج الأقمار الصناعية المكعبة في المهمة التي ستنفذ مجموعة من المهام والتي تشمل “الاستطلاع لمواقع الإنزال المستقبلية، مجالات الجاذبية، المجالات المغناطيسية، وعلوم الغلاف الجوي والغلاف الخارجي وقياسات الإشعاع”. وقد أكدت ناسا إدراج الأقمار الصناعية المكعبة في مايو 2018، وطلبت الأفكار من المجتمع العلمي.

ترجمه بتصرف: ايمان بوبشيت من مقال كتبته: إليزابيث هويل – 19 يونيو 2018